ذهبت و لم تقل لي وداعاً ..
فكم كانت تكره الوداع ؟؟
كنت أكرهه مثلها ,
و أحثها على استنكاره و تجنب شيطانه ..
و لكنني اليوم أكره كلماتي و نصائحي و أقوالي ..
و كأنني كنت أقول لها حين يأتي موعد رحيلكِ
إذهبي و لا تودعيني .. و لا تحتضنيني ..
و لا تقبليني و لا تهمسي بأذني " سوف أشتاق لك يا أمي "
آه .. كم أنها كلمة رائعة ..
و جعلتها شفتاكِ يا صغيرتي أروع و أروع ..
و كأن معناها كان يخلق على لسانكِ ..
و تتراقص حروفها مع نقاطها على نغم أوتار أحبالكِ الصوتية ..
يا حبيبتي .. إشتقت إليك ..
أذكر جيداً يوم عرفت بوجودكِ داخلى ..
و أنتي تسكنين جسدي ..
تسعة أشهر .. عرفتكِ فيهن و عهدتكِ ,
شقية و مراوغة و تجعلين من يحبونكِ
ينتظرون قدومك على نار من إشتياق ..
و يوم أتيتي .. جعلتني أتألم ..
جعلتني أعرف قدركِ في كل صرخة أطلقتها ..
في كل أنين قد أعلنته أو أسررته ..
حتى مر قطار الدهر بنا ..
فأجبرتني على الركوب ..,
و التفاؤل بما قد يأتي برحلة المستقبل المجهولة ..
فإنحنيت أمام إرادتكِ القوية و أنت بسن العام أو العامين ..
و ركبت قطار الخطر
عربتنا .. كانت لنا وحدنا في القطار ..
وفيتي بوعدكِ و منحتيني أعوام من نقاء الطفولة ,
و عفويتها و نضارة أيامها ..
و لكنكِ عدتي و أخلفتي بذلك الوعد ..
حين توقفتي و قررتي النزول عن ذلك القطار
و أحببتي ما قد كرهتيه سلفاً
تركتني و ذهبتي ..
أنا وحدي يا صغيرتي .. و حدي يا قرة عيني ..
اليوم أرسل برسائلي لمن يدّعون بأنهم عايشوا الأمل ,
و ظعنوا بأنهم ملكوه و لو للحظات ..
أقول لهم " ذهبت من منحت هذا العالم إكسير الأمل " ..
" ذهبت من كانت تضحك .. فتزيل عن العابس عبسه " ..
"من كانت تبكي .. فتجعل المسرور يفر من سروره " ..
" من كانت تقول لي - يا أمي أحبكِ كثيرا -ً " ..
اليوم أقول لكِ .. أنتي من كانت أمي ..
فأنا اليوم يتيمة من دونكِ .. يا أمــــــــي ..
^
^
^
إلى تلك الطفلة التي عرفتها منذ سنين
كبرت يوم بعد يوم
حتى ولدت صبية و توفيتي أنتِ
فإفتقدتكِ تلك الصبية
و أوصتني أن أبلغك هذة الرسالة
فقد إعتبرتكِ - طفلتها الأم - الفقيدة ,
و إعتبرت نفسها - الأم الطفلة - اليتيمة ..