الأربعاء، 14 يناير 2009

السيد الفاضل / لاشيء ..


السيد الفاضل/ لاشيء ..

عرفت يوماً من أحس بالعذاب حق إحساسه .. حتى أراد أن يهون على نفسه مرّ ما تجده ملازماً أيام العمر على الدوام .. فلجأ للكلمات و لكن إلى المكتوب منها لا المنطوق .. هم بأن يحكي قصته البائسة لورقة .. مجرد ورقة .. و لكنها بالنسبة له أكثر من مجرد ورقة .. إنها تلك التي رغم صممها سوف تسمعه .. رغم عُميها سوف ترى دموعه , بل و تمتصها حين سقوطها على سطحها فتترك آثاراً تعبر عن حزنها هى الأخرى كما حزن صاحبها التعيس .. , و أخيراً رغم بُكمها و جمودها ستكون المؤنس لمن لم تعرف نفسه أحداً غير صاحبها الوحيد .. و الذي بمجرد أن وصل إلى كلمة "وحيد" أثناء سرده لحكايته على مسامع الورقة الصديقة .. ألقى بالقلم مذعوراً و غطس في بكاء عميق وهو يهذي بما لا يُفهم .. تماماً مثل ما كتب .. فما كتبه من كلمات لا تعرفه و لا تعترف به أي لغة قط .. ليس سوى هذيان مُبهم .. و لكنه على الورق ..

قال صارخاً و هو يستعطف الجماد حوله كي يجيبه : " لم خلقت وحيداً ؟؟ " .. " لم أعيش مادمت يتيماً .. مادمت فقيراً إلى كل شيء .. حتى إلى نفسي ؟؟" .. " لم الغربة تحتل أرضي .. لم العذاب يستعمر حياتي .. ؟؟ " .. " لم الخوف و لم نقص الإطمئنان؟؟ .. لم الضياع و ضياع الهدى ؟؟ .. لم الجهل و جهل العلم بإستفحال ؟؟ .. لم الصمت .. مادام الموت واحداً في شروع الكلام أو في عدمه ؟؟ .. "

" أنــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــا مجرد لا شــــــــيء "

هنا عم الصمت .. فجاء دوري للرد ..

قلت : " أيها اللاشيء .. لقد أضعت من وقتي الكثير و أنا أسمعك .. تارة تبكي .. و تارة تهذي .., و أخرى تقول من الكلام ما لا يُجدي .. جئتك و إن شئت فقل عني ناصحة أو ربما غريبة مالت تشفق عليك .. و همّت تربت على كتفيك مهوّنة .. , و لكن فلتعزرني .. فيداي بطشتان .. و كلماتي بها من الحدة ما لا يُوصف .. أنت قلت ففصلت الكثير و الكثير .. و لكن أجملت في قولك " لا شيء" و هنا كان المفيد .. فأنت بالفعل لست سوى "لاشيء" .., و لكن لك أسبابك الواهية التي تفسر وصفك .. و لي أنا ما سوف أبرهن به كونك اللاشيئي .. كنت يوما واحداً من الذين أسميهم بـ " الأسياد" .. كنت أنت وقومك أسياداً لهذا الكون في القدم .. ملكتوا من العزة ما أزلكم .. فتلك هي العزة إذا ما داهمها الغرور .. و كنتم مترفين .. فما نفعكم المال لمّا هرب التعفف و شرد غنى النفس فمات الرضا و لحقت به القناعة بسرطان الطمع و حب التمرد .. أنتم يا أحفاد الصالحين المصلحين العابدين الشاكرين الأولين السابقين .. أنتم يا عرب .. و اليوم ليس فيكم سوى الضعف و الهوان و الذلة و الحقارة .. و فيكم من هو -لاشيء- .. لا .. بل جميعكم -لاشيء- .. يكفي تلك الصرخات التي أسمعها و التي تسمعونها قبلي تدوي .. ألغريب تلك .. أم لمن ؟؟ .. و هل أنتم من أظنكم .. أم من؟؟ .. إخوتكم من تحتهم النار و من فوقهم الدمار .. و أنتم لا أرى فيكم سوى الوجوم في بلاهه .., و أحياناً الإستنكار و اللامبالاة في جحود متناهي ...... أسألك يا عربي .. هل من عودة لعهدك القديم ؟؟ .. و إن كان هنالك من عودة .. فلتكن اليوم أو فلا تكن أبدا .. عدّ و كفى بك تخاذل و تكاسل .. فوحدتك فانيه لو أنك يوم كنت إلى جانب إخوتك .. و عدوك هالك لا محال لو حاولت يوم أن تكن شيئاً .. القرار وحده بيديك .. إما لاشيء أو كل شيء .."

و أخيراً ..

السيد الفاضل / لا شيء ..

لم يبقى لي سوى أن أقول لك و لأمتك ..:" كفاكم يا أمة نطقت من ظلمها ورقــــــــــــــــــة .."

*

*

*

كانت كلمات بلون الدم الذي يسيل كل يوم من إخوتي في غزة ..

لا يسعني غير قول : أنا آسفة ..

هذا كل ما بيدي ..>> فأنا واحدة من الذين هم " لاشيء" ..

ربنا معاكم .. ودايماً في قلوبنا ..

رواية : الحياة تبدأ عند المنتهى

بسم الله الرحمن الرحيم رواية : الحياة تبدأ عند المنتهى بقلم : إيمان أحمد مد زراعك لجعبة النشوات..، لامسها وتفحصها ،داعبها جيداً قبل ...