الجمعة، 26 سبتمبر 2008

أحبكـــــ مـــــا حييت ..


أحبك ما حييت ..

شمساً أبهتت السحب نورها .. فإذا بها تتساءل عن أضوائها التي خفتت .. و ضباب تمكن من زمام أمر الحال .. فشكل طقساً إستبدل صمت الكآبة .. بحيرةٍ تكاد تضيء قلوب العقول وهجاً .. و طفلة .. لو أني نسيت ملامح وجهى ما نسيت ملامحها .. أراها غامضة .. بل إنها شديدة الوضوح و الصفاء لدرجةٍ جعلتها شفافة كأجود أنواع الزجاج .. حاولت أن أدقق النظر و أتمعن جيداً في نواحي ملامحها .. فلم أعثر لها على أي هوية مظهرية .. و كلما بذلت تركيزاً في سبيل الوصول لأي شيء أستشف من خلاله إجابة لتساؤلاتي .., لا أرى سوى تلك الأشياء خلفها .. فهي بالفعل شفافة .. لم أجد فيها سوى الغموض .. و أي غموض ؟؟ غموضُُ تام الوضوح .. تلك النقية .. من هي ؟؟ و هل لها علاقة بذلك الجو المريب الذي أحاط بكل ركن حولي .. كلاهما يشترك في انهما ظهرا بشكل مفاجيء .., و على غير سابق بشير .. و كأن تلك الصغيرة خُلقت في لحظات من لا شيء .. و أتت محمّلة بغضب فريد النوع .. فكان له الفضل في وجود التعاسة التي عمت كل الأرجاء .. حسبتني للحظات أهزي بتخمينات لا تعرف معناً للواقع .. و لكن تلك النظرة التي رمقتني بها .. آلمني سهمها الصادق .., حيث قتل الإحتمالين لدي .. الواقع و ما دون ذلك .. و لم يعوضني .. فلم يعطني بديلاً عنهما .. و ذهب ألم الوخذة الأولى .. ليتلوة آلم وخذة آخرى .. بها فقدت الشعور بالحياة للحظة ُأخرجت فيها جميع الرموز التي إحتواها قلبي لأيامٍ و شهورٍ و ربما سنين .. إنتُزعت منه لتحلق في الأثير بيني و بين المجهولة الصغيرة .. متجاهلة نظراتي الملهوفة .., و متفادية الثاقب مِن نظرات مَن إنتزعتها مِن موطنها المظلم لتعرضها للضوء .. تلك الطفلة .. ما بال قوتها و مالها تجردني من أسراري .." فكيف لها أن تجرؤ ؟؟!! .. " .. " و من غيري تلك التي تجرؤ " .. ردت هي .. فجعلتني كمن شُل كلياً , و دفعت بي للسقوط من على حافة هاوية الحيرة .. فكيف سمعت ما قد اسررت به داخل نفسي و لم أعلنه حتى .. و ذهب رد ليليه آخر .. " و كيف لا أسمع نجواكِ و أنا أنتي و أنتي بي تكونين و تكنّين .. رددت شفتاي ما قالت في صمت و حيرة أزاد إشتعالها داخلي ذلك الطقس العبوس الذي تشكل في أول الأمر .. لا أعرف لما تفاديت أن أسأل لأفهم و شرعت أقتّل فيّ كل شيء .., أي شيء يشتت تركيزي لحظتها .. أردت تكريس كل الجهد في محاولة إبعاد تلك الذكرى الحية عن نظر الصغيرة التي شفّت وجداني و زلزلته .. هى تحلّق مع بقية الذكريات خاصتي عالياً و لكنها تفرق عن غيرها .. عرفتها بمجرد ان لمحت فيها لونها الذهبي المتالق .. فأنا عهدت نفسي لها نفس اللون حين تذكرها و الرجوع حنيناً لعيش لحظاتها بالمخيّلة .. أعود لأراه من جديد .. أراقب كلماته و حركاته و ثنايا ملامحه .., و كل شيء فيه .. أعود لأجدني أناقشه .. أجادله .. لأجدني أضحك معه و يضحك معي .. أعود للماضي مشتاقه و أفيق في الحاضر و أنا أكثر إشتياق .. و لا و لن أملّ الإشتياق مستقبلاً .. " لذا فأرجوكي لا تقصدي تلك الذكرى .. " لا تحرميني لوني الذهبي " .. " لا بل أقصدها " .. قالتها بكل العنف .. فطرحتني أرضاً غارقة في البكاء و الأنين ..

- ماذا تريدين مني ؟؟

= أنا لا أريد منكِ شيء ..

- إذن فلم انتي معي هنا ؟؟

= و لم انتي هنا ؟؟

- هذة حريتي ..

= فما قولك إذا كانت حريتك تأسرني ...!!

- لا شأن لي بحالك ..

= بل شأنك و بل أن كل الشأن شأنك ..

- أي شأن تتحديث بلسانه ؟؟

= شأن ذنبك ..

- أوصار الحب ذنباً في رأيكِ ؟؟

= لا بل الذنب أن تعلقي كل المصير بكذبة .. ليس إلا , و لا تنكري يقينك بأنها كذبة ..

- أعلم بكونها كذبة و لكنها أروع من أن تكون حقيقة .. بها من سحر الخيال ما يجعل شأنها أسمى من حقيقة الواقع ..

= عندما تصبح حقيقة ستصبح أقوى و تكونين بها بالفعل صاحبة حرّية ..

- أن تحولي كذبة إلى حقيقة ليس بالأمر الهين .. و أن تسيري في دروب الدنيا و كل ما تحمليه في جعبتكِ هو إيمانكِ بكذبة .. مثله كمثل إنكار الحقيقة و الكذبة في آن واحد .. و الغدو في غير مبالاه .. حتى و لو كان المصير المحتمل هو الضياع ..

= إنك تهزي ..!! .. أفتحبينه لهذة الدرجة أم أنك واهمة ؟؟

- لا أعرف و لكني لا أنساه وهلة .. ففي ضحكي أذكره و أعلم أنه يضحك مثلي .. و في بكائي أذكره , و أشعر بحزنه لأجلي .. و لكثر ما أشتاق لرؤيته و لملاحظة تعابيره و لسماع صوته و لمعرفه أخباره و لأن أقولها له فيرد بأروع منها على مسامعي " أحبك ما حييت " ..

= يالك من محبة صادقة و واهمة مخدوعة .. أفتظنين أنه يذكركِ بمثل ما تذكريه ؟؟

- الحق معك ِ .. فطريقي و طريقه لا يلتقيان ظاهرياً .., و لكني أرى بقلبي مفترق طرق من سندس يجمعنا في المستقبل القريب .. ثنائياً لا مثيل له .., و هنا أتحول من مجرد ذكري تجوب روحه إلى أن أكون روحه ذاتها ..

= تحلمين ..

- يكفيني أنه حلم صادق ..

= و يُؤرقني إحتمال كذبه ..

- لا تقلقي بشأني .. و لتتحمليني في أول مرة بعمري كله أشعر بنبض قلبي ..

= لك ذكراك آنستي .. و لتكوني دائماً كما عهدتك قوية و صادقة ..

- على رسلك .. فأنتي لم تُعلميني من أنتِ بعد ..؟؟

= إسألي من تحبيه يوم لقائكما إن إلتقيتما .. و إن لم يكن فلا يُهم أن تعرفي ..

ذهبت و أنا أستشعر بداخلها نار القلق تتوهج .. أردت ان اطمئنها أكثر و لكني تراجعت بعد إختفائها السريع و تبخر كل غريب كأنه لم يكن .. حتى الطقس كاد كما لو كان الربيع في صباه .. و هنا عمّ التفاؤل نفسي و أخذتني قدماي نحو مكان ذكراه الذهبية تتراقص في مخيلتي و أنا أردد " أحبك ما حييت " ..


الجمعة، 5 سبتمبر 2008

ملكــــــــ السحاب ..



ملك السحاب ..

في تلك اللحظة .. إختلطت على مسامعي خيوط الأصوات كما تختلط خيوط النسيج الواحد ببعضها فتتشتت الأعين و تصبح غير قادرة على التمييز بين الخيط و مثيله .. كذلك كنت انا .. فكنت أشعر بفمي يتحرك متحدثاً و لساني يلتوي متلفظاً .., و لكن أين أنتِ يا أذني .. لا أعلم ؟؟ .. و لم تتجاهلي من الكلمات ما صدر عني قصداً .. فأيضاً .. لا أعلم ؟؟ ..كل ما سمعته كان نتاج إمتزاج صوت " ندائي الملحّ " بأصوات " ضحكاته الغير مبالية " .. و كأن نغمات كلاً من صوتينا صُبغت بلون الأخرى .. فلم تعد كلماتي ملكي و لا قهقهته تمت له بصله .. و جاء وليد مهجن من نغمات الأصوات المختلطة ليسيطر على الأمر و يمسك بزمامه .. هنا .. عرفت أنه لا مفر من التحلي بالصمت و لو لبرهات قليلات .. فذاك الصغير لا يمل اللهو و الإنطلاق في غير مبالاه و لا يمل إفتعال ما يلفت الأنظار إليه .. هو لا يريد شهرة بين من يحيطه من الأناس و لكن تلك الأفعال الشقيّة من وحي روحه المرحة و سجية أدائه الذي يكشف كل مصطنع .. الجميع يحبونه و يعشقون الدعابة التي تلازمه أينما كان .. عهدته غير مطيع للأوامر ..، بل و متلذذ بكسرها و الخروج عن دستورها .. و إذا جاء وقت العقاب .. يحآجج عامداً إلى العبث و المراوغة .. حتى ينتصر بمنطق مبتدع من وحي نفسه المجادلة و صاحبه مبدأ " فلتحيا نار العقاب و سحقاً لجنة الخضوع " .. سألته مرة : لم التمرد يا مراوغ الزمان ؟؟ .. قال : و لم الأوامر دون نصحان و فهمان ؟؟ .. قلت : فما قولك في من يأتيك بالنصحان و الفهمان ؟؟ .. فرد : حسناً .. على الرغم من إستحاله وجود مَن يبرر الأوامر دائماً و يوضح مبغاها كلها .. و لكني أعدك بأن ألتزم بها و أخضع لحكمها ما إن شُفيت من مرضى بالشقاوة و حب الإعتراض ..!! .. هنا أجبرني هذا المجادل على العدول عن إستكمال تلك المحادثة الطفولية المضمون ظاهرياً و الناضجة الإسلوب جوهرياً .. فقد إنهمكت في الضحك من فكاهة وعده لي .. و كعادته يخلق من لا شيء منفذاً ليهرب من مواجهة الجد من الامور التي لا تروقه .. يستخدم من الفكاهة دائماً وسيلة لكسب جميع الأطراف في صفه .., فكلاً بالفكاهة يجتمعون على الضحك في نهاية الأمر إن كانوا معارضين أو مؤيدين .. و اكثر الكثيرين يقعون في فخ سلاحه الفكاهي ذاك .. في ما عدا من إعتادوا عليه كمراوغ و مجادل أصيل .. مثلي أنا .. و لكني لم انضم للمجموعة التي شغلها تكريس كل الجهد في جعله يعزف عن طبعه الطابع ذاك .. بل إنني عشقت إمتهان تشجيعه على ممارسه طبع نفسه و شاكلتها أغلب الوقت .. بل كل الوقت .. كنت احثه على أن يكون نفسه دائماً .. تارة بالجهر .. و آخرى بالكلام الصامت , كنظرات العيون المستحسنه و تعبيرات الوجه المتقبلة .. و هو .. خير خبير بعلم ذلك الذي يسمى بالكلام الصامت .. زكيٌ لماحٌ لبيبٌ و لا يصعب عليه التصرف بكامل العقلانية في أغلب الأمور .. هو طفلٌ و ليس بطفل .. وصفته طفلاً لما يملك من سمات الطفولة المكتملة .. فحين تراه .. تجد نفسك و قد سحرتك رقة وجهه النضر و جمال إرتسام عينيه الصافيتان بلونهما البني المتوسط ما بين الداكن و الفاتح .. و صغر فمه العنقودي .. و شعره الأملس و الذي يخفي غرة جبينه كاملة متلون بلون أقرب ما يكون للون البني في عينيه .. هكذا هو الصغير الطفل .. و لم يكن بطفلاً لأنه تخطى أعوامه الأولى في دار رعاية الايتام بدلاً من دار أبويه و كان عليه ألا يسأل عن أبٍ و أمٍ ؛ حتى لا يصدم بردّ ٍ يؤلم .. كبر و هو لا يعرف لم تواجد في دار من ليس لهم ابوان .. و لم يخاطر و لو لمرة واحدة بأن يعرف إجابة لذلك السؤال الغير مرغوب في علامة إستفهامه .. حتى عندما حاول البعض في إخباره بأحداث قصته المجهولة إلى نفسه ظناً منهم أنه يريد ان يعرف و لكن يمنعه حياء الخجل ، فكان يضع أصابعه في آذانه مشهراً الإعتراض و الرفض في أوضح صورهما .. حتى بلغ نصف عقده الأول و هو لا يدري عن نفسه خبراً برغبتها و بكامل إرادتها .. أحس الصغير بوحشة الغربة عن وطن الأهل .. ذلك الوطن الذي لم يدس أرضه قط .., و لكنه ظل على إنتمائه إليه .. ظل رافعاً لشعار " ويبقى هو وطني .. الأوحد الوحيد " .. و مع تفاوت اليل و النهار حيث تعاقب الأيام فمرور الدهر .. أيقن ذو الأظافر الناعمة أنه يجب أن يتحمل مسئولية نفسه بنفسه .. يجب أن يكون أباً و أماً و طفلاً .. يجب أن يسير في هذة الدنيا بطريقته .. لا بالطريقة التي تُفرض عليه ، و لو كانت فارضتها هي الدنيا ذاتها .. حيث صار طفلاً و ليس بطفلاً في آنٍ واحد .. كنت كلما تذكرت هذة الخواطر الواقعية الواقعة عن صغيري الحبيب .. أتأثر حزناً و لا أوصي عيناي بالدموع و لكنهما لا يتركان المجال لأي نوع من أنواع الحث , فينهمران تحدّراً .. و لكني أعود لأطمئن خلجات وجداني و تهدأة روع طيات روحي بذكر أنه لولا تلك الذكريات ذات الرداء الأسود .. لما كنت عرفته .. ذلك الملاك الصغير .. لما كنت عثرت عليه ها هنا في دار رعاية الأيتام .. لما كنت خضعت لسحره و تأثيره العفوي , و أحببته .. لما كنت قررت التكفّل بكل أموره و به ذاته .. لما شاركته ضحكاته و دموعه .. نشاطه و خموله .. حبه و كرهه .. تساؤلاته و معرفته .. غموضه و وضوحه .. و أخيراً .. مرواغته و جداله .. فمن بعد ذلك اليوم السعيد الذي قررت فيه زيارة لأحد الدور الخاصة برعاية الأيتام .. و أنا أيقنت أن تلك الزيارة و إن كانت رغبتي في تحقيقها جاءت بخاطري صدفة .., فوالله إنها لمن حسن تدابير القدر .. فوقع إختيار تلك الصدفة علينا .. بالفعل ثنائياً مثالياً .. هو لم يكن يريد قلباً فارغاً ليستحوذ عليه كله له .., فهو بقلبه من القناعة و الرضا ما يكفي لأمة كاملة , و لكنه أراد قلباً يعطيه مساحه فيه و لو بقدر حبة الخردل .. ليس إلا .. مجرد أن يشعر و لو بحفنة من فحوى ذلك الوطن الذي لطالما إشتاق إليه إشتياق المؤمن إلى جنة الفردوس معتبراً أن ذلك القلب و إن كان غريباً عنه فهو على الأقل يريد ان يمحي معنى تلك الغرابة من قواميس الدنيا ليسمو به إلى كل ما هو أنبل .. و بالنسبة لي .. فقد كنت أحتاج انا الآخرى إلى قلبٍ لا يربطني به أي نوع من انواع المصالح الدنيا .. و لا أي رياء خدّاع .. و لا مشاعر كاذبة صادرة عن أنفس لا تعرف الشجاعة قط .., حتى و لو كانت مشاعر طيبة في ظاهرها .. أردت .. حباً في الله .. و أردت طريقاً يقودني لذلك الحب لا يعرف معناً لإغضاب الموالى عز و جل و لم يمرّ به قط ذو نفس سخط وجه الكريم سبحانه و تعالى عليها .. تمنيت أن أمتع قلبي بمشاعر بريئة طاهرة جديدة إلى قلبي و محببه إليه تجاه عملاً لا يعص الخالق رب السموات و الأرض .. فإستجاب ربي و رضي عن سؤالي إليه .. فكان اللقاء بيني و بين صغيري " ملك السحاب " .. و هنا .. قاطع مجادل زمانه إنشغالي بعقد الذكريات الذي إنفرط و تساقطت حباته واحدة تلو الآخرى مبتعدة في إتجاهات شتى مع غرقي ببحر صمتي في باديء الأمر .. حيث قال بشيء من الندم : لو كنت اعلم أنني سوف أضيع فرصة أن أسافر معك في رحلتك الطويلة البعيدة تلك .. لما كنت تجاهلت ندائك و كنت أجبت عليك السؤال .. فأين كنت يا إيمــان قلبي بنفسي و بك و إلى اين أخذك الشرود ؟؟؟ .. فقلت و أنا مبتسمة بمكر : يا مخادع .. أكنت حقاً ستجيب .. و الله إني لأعرفك أكثر من نفسك .. فأنت يا محب اللهو لا ترد على أحد السؤال خاصة و إن كنت في ذروة إنطلاقك .... و على كل حال .. إطمئن لم أبعد كثيراً بالذاكرة .. فما سافرت إليه من ذكريات لا يتجاوز بعد بطل أحداثها الإنشات عن مركز قلبي .. فردّ مبتسماً في طفولية خبيثة : و من ذا الذي لا ييعد أكثر من إنشات عن مركز قلبك .. و هل هناك من مزيد .. فأنا أعرفك ذات قلبٍ لا يقل إتساعاً عن القصور ؟؟ .. قلت : بالفعل هناك المزيد و المزيد .. فما قولك عن رب العالمين و رسوله الأمين .. أما عن ذلك الذي خصصته بالذكر .. فليس لك به شأن .. إنه حبيبي وحدي .. و لا بمقدوري ان أخبرك عنه سوى إسمه فقط .. فقال متسائلاً و هو خبير : و ما إسمه الكريم ؟؟ .. فأجبت في تغاضي عن مراوغته : ملكـــ السحاب ...... و هنا ملأت حديقة الدار بالضحكات و أصوات القهقهه لكل منا و لم تقل شأناً عن أصواتنا الممتزجة التي سبقتها .. حتى هدأ كلانا .. فآتاني ملاكي الصغير بعناق ليس له مثيل في الدفء و الحنان .. و سألني في عمق : لم ملكـ السحاب ؟؟ .. لماذا إخترتي تلك التسمية بالأخص لتنعتيني بها طوال الوقت .. هيا أجيبي و لا تتهربي مثل كل مرة سألتك فيها سلفاً .. فهذة المرة أنا لا اتساءل .., بل سموي جلالة ملك السحاب أأمـر بالحصول على إجابة وافية ؟؟ .. نظرت إليه بإبتسامة عريضة بسيطة لا تخفي ورائها أي مكرٍ .. و أجبت : يالك من مقنع .. و الله لأجيبك فقط لأبدي ثنائي و إعجابي بحلاوة الشهد الذي يقطر من لسانك ...... ملك السحاب .. هو بطل قصة قد قرأتها قديماً و انا صغيرة .. و قد أحببت تلك القصة كثيراً .. أذكر أنها كانت قصة لحبيبين و البطل كان هو المنعوت بملك السحاب .. و بالطبع لم أفهم منها الكثير لصغر سني و بعد عقلي عن معاني قصص الحب تلك .. فسألت معلمتي عن ما تقصده تلك القصة .. فقالت لي ببعض من التضليل .. إنها قصة تشير إلى شخصية مثالية او أنه من فرط حب البطلة لها قد رأتها في منتهى المثالية .. فأسمتها ملك السحاب لما تملك من سمو و رفعة لا تقل شأناً عن سمو السحاب .. و قالت لي أنه سوف ياتي اليوم الذي يحتم فيه أن أقابل ملك السحاب في حياتي المستقبلية مثل بطلة القصة بالضبط .. و ها أنا يا ملك السحاب الصغير بالفعل قد قابلتها و قد تمثلت فيك يا صغيري .. فقال مندهشاً : و لكن معلمتك لم تقصد بقولها المبهم ذاك سوي أن تشير إلى حبيباً و شريكاً لحياة المستقبل ليس إلا .. ألم تفهمي مقصودها أم ماذا ؟؟ .. أجبت في طلقائية : يا صغيري إن تلك القصة وضّحتها معلمتي لي من منظورها و انت نظرت للقصة من نفس المنظور .. و لكني انا من قرأتها بعيون تلك الطفلة التي كنت قديماً .. أنا من شعرت تجاه ملك السحاب ذلك بإحساس خاص بي .. إحساس جعلني ايقن منذ ذلك اليوم انني لم و لن اشعر به ثانياً .., إلا عندما أقابل ملك السحاب في حياتي المستقبلية كما أخبرتني معلمتي .. و بالفعل .. قابلته .. حينما قابلتك .. و عاودني شعور نشوة دفء الحب في الله من جديد .. و بفضل الله و حده مازلت أنعم به و لا يفارقني قط .. و انت يا ملك السحاب .. ألم تشعر به و إلا فماذا ؟؟ ..... هنا عاد البريء الصغير يعانقني من جديد و كأنه كان يجيب على تساؤلي بالمعانقة و الإحتضان , فضممته أنا بدوري .. حتى همس بإذني قائلاً جملته المعتاده " أحبك كثيراً يا إيمــان قلبي بنفسي و بك "



رواية : الحياة تبدأ عند المنتهى

بسم الله الرحمن الرحيم رواية : الحياة تبدأ عند المنتهى بقلم : إيمان أحمد مد زراعك لجعبة النشوات..، لامسها وتفحصها ،داعبها جيداً قبل ...