السبت، 27 سبتمبر 2008

دموع أوشكت علــــ>>ـــــى النضوب ..!!


دموع أوشكت على النضوب ..

اليوم تذكرته .. و إسترجعت كل مشاهد – الفيلم - الذي كنا انا و هو فقط أبطاله .. لم تكن تلك الذكرى بالبعيدة عن ساحة عرض عقلي .., فما تحويه من نتاج ما قد تقاسمته أنا و السلف .. إعتدت على تكراره كل يوم .. أنا .. أخذت صور متحركة ذات أصوات متباينة و ألوان متداخلة .., أستطيع مشاهداتها وقتما شئت .. و السلف .. أخذ الأحداث ذاتها و معها محدثيها .. إنطوى بصفته سلفاً .., و طوى معه أناس عرفتهم .. أحببت بعضهم .., و كرهت البعض .. طوى أفراح و أحزان .. صراخات و ضحكات .. نجاحات و سقطات ..

ذكراه كانت كلما راودتني .. ظلت تؤنبني .. و توبخني .. و تنعتني بصفات ناكري المعروف .. كانت تتهمني بالقتل .. ترى أنني قد ذبحت صاحبها بسكين لساني .. تلذذت بدفعه ليلقى حتفه خارج عالمي الدنيوي .. فيظل طوال عمره حياً جزئياً .. حياً في أي مكان كان .. إلا .. داخل دنيا عالمي .. فهو بلاريب متوفي ..

بدوري كنت لا أصمت أمام تهكمات تلك الذكرى الخبيثة .. فكيف ألزم نفسي بالعدول عن الكلام أمام كل تلك الإدعاءات الظالمة المتحيّزة .. كيف .. أنا لا انكر أبداً صحة تلك الاحداث في الواقع .. و لكني لي أسبابي الخاصة .. لي دوافعي المحرّضة .. لذا فقد حق لي الصراخ .. كي يعلو صوتي فوق كل صوت .. كي تدوي جملتي هذة و التي قد تلفظتها بجميع أنواع اللغات في شتى القواميس .. أطلقت فحول صوتي الجامحة و قلت : " أنا المظلومة .. لا الظالمة .. " ..

و بقى الحال على ما هو عليه .. ربما لأيامٍ تخفت في صورة شهور .. أو شهور تحلت بطول زمن سنين .. لا أعرف .. فمنذ ذلك اليوم الذي قُدّر لي فيه أن تُحفظ تلك الذكرى داخل عقلي .., و الوقت لا يعني لي سوى الملل السحيق .. فلم ألق بالاً لحسابه و لم أضعف أمام بخل مروره ..

إلا اليوم .. فقد كانت لي رؤيا مختلفة تماماً عن جميع ما سبقها للأحداث السّلفية .. رؤيا .. لم تنفي ما قد شجبت و إستنكرت به في السابق نفياً كلياً و أيضاً لم تُثبت كامل ما قد وُجِه إلىّ من إتهامات أمام ساحة قضاء ضميري .. و لكنها جعلتني أرى الأمور من منظور ثالث .. لا علاقة له بالإثبات و لا شانه له بالنفي .. فقط كان يطلّ على الأمور من نافذة ذات زجاج نقيّ مكنني من الرؤية بكامل الوضوح .., بل منحني أن أستشعر ما يجوب كل نفس .. أن أسمع كل نجوى .. أن ...... أن أحكم حكماً لن يعرفه غيري و لن يأخذ أحد بإعتباره .. فقط لأعرف بيني و بين نفسي من جنى و من جُني عليه ..

هنا بكيت .. فلم أملك حينها سوي الدموع .. تركتها هي تحكم .. هي ستكون أعدل .. ستكون أطهر .. ستكون أقوى ..

بالفعل هي القوة .. هي ما تسببت في وجود عقدة القضية و هي أيضاً من سيحللها .. أنا كان بي داء نقص القوة .. كنت وحدي .. فوجدتك تدخل عالمي .. تؤانسني .. تحاكيني .. تجادلني .. تشاركني إلتهام وحدتي .. و كنت خائفة .. من كل شيء و أي شيء .. وجدتك تطمأنني .. تداعبني .. تشاطرني الفرح حين ذهب خوفي ..

و فجأة ..

عاد كل شيء كما كان سابقاً .. عاد الخوف ليسكنني .. و عادت الوحدة لتكون ظلي .. لم تكن أنت السبب .., بل أنا .. أنا من إختار العودة للعهد القديم .. فقط لأنني تذكرت أن أسألك سؤالاً واحداً .. لو أنني جازفت و فعلتها .. فوالله ما كنت بمجيب ..

من أنت ؟؟ و ما هي هويتك ؟؟

ياللحماقة .. أسأل كائن أجنبي دخيل على عالمي .. من أنت ؟؟.. و كأنني أسأل كائن فضائي ما تصنيفك ها هنا على كوكب الارض .. بالطبع ستكون الإجابة >> لا شيء ..

ضعفي .. صنع مني ظالمة .. بالفعل ظلمتك .. و لكنك أيضاً ظلمتني و ظلمت نفسك معي ..

لذا فقد حكمت محكمة ضميري .. بأعدل ما يكون لنا كلانا .. ألزمتك أن تظل لا شيء بالنسبة لي طوال عمرك .. و ألزمتني أن أبذل الدموع من أجلك حتى ينضب ما لدي منها ..

*

*

*

إهداء >> له ..



الجمعة، 26 سبتمبر 2008

أحبكـــــ مـــــا حييت ..


أحبك ما حييت ..

شمساً أبهتت السحب نورها .. فإذا بها تتساءل عن أضوائها التي خفتت .. و ضباب تمكن من زمام أمر الحال .. فشكل طقساً إستبدل صمت الكآبة .. بحيرةٍ تكاد تضيء قلوب العقول وهجاً .. و طفلة .. لو أني نسيت ملامح وجهى ما نسيت ملامحها .. أراها غامضة .. بل إنها شديدة الوضوح و الصفاء لدرجةٍ جعلتها شفافة كأجود أنواع الزجاج .. حاولت أن أدقق النظر و أتمعن جيداً في نواحي ملامحها .. فلم أعثر لها على أي هوية مظهرية .. و كلما بذلت تركيزاً في سبيل الوصول لأي شيء أستشف من خلاله إجابة لتساؤلاتي .., لا أرى سوى تلك الأشياء خلفها .. فهي بالفعل شفافة .. لم أجد فيها سوى الغموض .. و أي غموض ؟؟ غموضُُ تام الوضوح .. تلك النقية .. من هي ؟؟ و هل لها علاقة بذلك الجو المريب الذي أحاط بكل ركن حولي .. كلاهما يشترك في انهما ظهرا بشكل مفاجيء .., و على غير سابق بشير .. و كأن تلك الصغيرة خُلقت في لحظات من لا شيء .. و أتت محمّلة بغضب فريد النوع .. فكان له الفضل في وجود التعاسة التي عمت كل الأرجاء .. حسبتني للحظات أهزي بتخمينات لا تعرف معناً للواقع .. و لكن تلك النظرة التي رمقتني بها .. آلمني سهمها الصادق .., حيث قتل الإحتمالين لدي .. الواقع و ما دون ذلك .. و لم يعوضني .. فلم يعطني بديلاً عنهما .. و ذهب ألم الوخذة الأولى .. ليتلوة آلم وخذة آخرى .. بها فقدت الشعور بالحياة للحظة ُأخرجت فيها جميع الرموز التي إحتواها قلبي لأيامٍ و شهورٍ و ربما سنين .. إنتُزعت منه لتحلق في الأثير بيني و بين المجهولة الصغيرة .. متجاهلة نظراتي الملهوفة .., و متفادية الثاقب مِن نظرات مَن إنتزعتها مِن موطنها المظلم لتعرضها للضوء .. تلك الطفلة .. ما بال قوتها و مالها تجردني من أسراري .." فكيف لها أن تجرؤ ؟؟!! .. " .. " و من غيري تلك التي تجرؤ " .. ردت هي .. فجعلتني كمن شُل كلياً , و دفعت بي للسقوط من على حافة هاوية الحيرة .. فكيف سمعت ما قد اسررت به داخل نفسي و لم أعلنه حتى .. و ذهب رد ليليه آخر .. " و كيف لا أسمع نجواكِ و أنا أنتي و أنتي بي تكونين و تكنّين .. رددت شفتاي ما قالت في صمت و حيرة أزاد إشتعالها داخلي ذلك الطقس العبوس الذي تشكل في أول الأمر .. لا أعرف لما تفاديت أن أسأل لأفهم و شرعت أقتّل فيّ كل شيء .., أي شيء يشتت تركيزي لحظتها .. أردت تكريس كل الجهد في محاولة إبعاد تلك الذكرى الحية عن نظر الصغيرة التي شفّت وجداني و زلزلته .. هى تحلّق مع بقية الذكريات خاصتي عالياً و لكنها تفرق عن غيرها .. عرفتها بمجرد ان لمحت فيها لونها الذهبي المتالق .. فأنا عهدت نفسي لها نفس اللون حين تذكرها و الرجوع حنيناً لعيش لحظاتها بالمخيّلة .. أعود لأراه من جديد .. أراقب كلماته و حركاته و ثنايا ملامحه .., و كل شيء فيه .. أعود لأجدني أناقشه .. أجادله .. لأجدني أضحك معه و يضحك معي .. أعود للماضي مشتاقه و أفيق في الحاضر و أنا أكثر إشتياق .. و لا و لن أملّ الإشتياق مستقبلاً .. " لذا فأرجوكي لا تقصدي تلك الذكرى .. " لا تحرميني لوني الذهبي " .. " لا بل أقصدها " .. قالتها بكل العنف .. فطرحتني أرضاً غارقة في البكاء و الأنين ..

- ماذا تريدين مني ؟؟

= أنا لا أريد منكِ شيء ..

- إذن فلم انتي معي هنا ؟؟

= و لم انتي هنا ؟؟

- هذة حريتي ..

= فما قولك إذا كانت حريتك تأسرني ...!!

- لا شأن لي بحالك ..

= بل شأنك و بل أن كل الشأن شأنك ..

- أي شأن تتحديث بلسانه ؟؟

= شأن ذنبك ..

- أوصار الحب ذنباً في رأيكِ ؟؟

= لا بل الذنب أن تعلقي كل المصير بكذبة .. ليس إلا , و لا تنكري يقينك بأنها كذبة ..

- أعلم بكونها كذبة و لكنها أروع من أن تكون حقيقة .. بها من سحر الخيال ما يجعل شأنها أسمى من حقيقة الواقع ..

= عندما تصبح حقيقة ستصبح أقوى و تكونين بها بالفعل صاحبة حرّية ..

- أن تحولي كذبة إلى حقيقة ليس بالأمر الهين .. و أن تسيري في دروب الدنيا و كل ما تحمليه في جعبتكِ هو إيمانكِ بكذبة .. مثله كمثل إنكار الحقيقة و الكذبة في آن واحد .. و الغدو في غير مبالاه .. حتى و لو كان المصير المحتمل هو الضياع ..

= إنك تهزي ..!! .. أفتحبينه لهذة الدرجة أم أنك واهمة ؟؟

- لا أعرف و لكني لا أنساه وهلة .. ففي ضحكي أذكره و أعلم أنه يضحك مثلي .. و في بكائي أذكره , و أشعر بحزنه لأجلي .. و لكثر ما أشتاق لرؤيته و لملاحظة تعابيره و لسماع صوته و لمعرفه أخباره و لأن أقولها له فيرد بأروع منها على مسامعي " أحبك ما حييت " ..

= يالك من محبة صادقة و واهمة مخدوعة .. أفتظنين أنه يذكركِ بمثل ما تذكريه ؟؟

- الحق معك ِ .. فطريقي و طريقه لا يلتقيان ظاهرياً .., و لكني أرى بقلبي مفترق طرق من سندس يجمعنا في المستقبل القريب .. ثنائياً لا مثيل له .., و هنا أتحول من مجرد ذكري تجوب روحه إلى أن أكون روحه ذاتها ..

= تحلمين ..

- يكفيني أنه حلم صادق ..

= و يُؤرقني إحتمال كذبه ..

- لا تقلقي بشأني .. و لتتحمليني في أول مرة بعمري كله أشعر بنبض قلبي ..

= لك ذكراك آنستي .. و لتكوني دائماً كما عهدتك قوية و صادقة ..

- على رسلك .. فأنتي لم تُعلميني من أنتِ بعد ..؟؟

= إسألي من تحبيه يوم لقائكما إن إلتقيتما .. و إن لم يكن فلا يُهم أن تعرفي ..

ذهبت و أنا أستشعر بداخلها نار القلق تتوهج .. أردت ان اطمئنها أكثر و لكني تراجعت بعد إختفائها السريع و تبخر كل غريب كأنه لم يكن .. حتى الطقس كاد كما لو كان الربيع في صباه .. و هنا عمّ التفاؤل نفسي و أخذتني قدماي نحو مكان ذكراه الذهبية تتراقص في مخيلتي و أنا أردد " أحبك ما حييت " ..


رواية : الحياة تبدأ عند المنتهى

بسم الله الرحمن الرحيم رواية : الحياة تبدأ عند المنتهى بقلم : إيمان أحمد مد زراعك لجعبة النشوات..، لامسها وتفحصها ،داعبها جيداً قبل ...